يمكن أن نطلق على أغلبية سكان العالم اليوم على أنهم من مستخدمين الانترنت والشبكات الاجتماعية، فلقد أصبح الانترنت أحد أساسيات العصر الحديث، فحتى في القرى والمناطق النائية أصبحت بعض التطبيقات الاجتماعية مثل الواتساب والفيسبوك تأخذ بعض الوقت من حياة الإنسان البسيط والفلاح العادي، لذلك فمن الجميل أن نتحدث ونناقش السلوكيات الإيجابية التي تساعدنا على تنمية حياتنا ومجتمعاتنا، وهذه المقالة ماهي إلا مساهمة بسيطة في سبيل تلك الغاية.
1. التفاعل مع المحتوى
لفتت انتباهي عبارة وُضعت في آخر مقالة في إحدى المدونات العربية وهي : ـــ
هذه هي المشكلة، مشكة الزوار، انهم يتركون تلك الصفحات المليئة بالمعلومات والفوائد ويذهبون بدون رحمة، يتركونها تتجرع آلام الوحدة والفراغ، تنتظر أولائك الزوار الجدد الذين يلقي بهم قوقل إليها، لكنهم كغيرهم، يقرأون ثم يتركونها ويذهبون في حال سبيلهم، بدون تسجيل في قائمة أو عمل (شير) أو (لايك).
هنالك الكثير من مستخدمي الشبكات الاجتماعية الذين تنطبق عليهم تسمية (مراقب من بعيد)، تجد الشخص يدخل الفيسبوك كل يوم ويتجول فيه لوقت طويل، لكن عند فحص سجل تفاعله تجد أن آخر منشور أو إعجاب قد تم قبل سنة أو أكثر، هو فقط يراقب من بعيد، لا يكتب، لا يشارك، لا يتفاعل مع أي منشور، قد يكون هذا أمر إيجابي من إحدى الزوايا وخاصة في المحتوى المختلف عليه والذي يثير الفتن والمشاكل، لكنه أمر سلبي تجاه المحتوى الجيد والنافع، فعندما تقوم بالنقر على زر الإعجاب للمنشور أنت حينها تساهم في نشره أكثره وإيصاله لجمهورٍ أوسع.
نعم هذه هي الاستراتيجية التي تعمل عليها الفيسبوك، كلما زاد التفاعل حول المنشور كلما اقتنع النظام أن المنشور له أهمية فيقوم بإيصاله إلى جمهور أكبر، لذلك فأنت مع كل نقرة (إعجاب) أو (مشاركة) أو حتى (تعليق) أنت تساهم في نشر ذلك المنشور النافع والمفيد والذي قد يفيد الآخرين أكثر مما يفيدك أنت. إذاً فحاول أن تكون قارئاً إيجابياً تجاه المحتوى الإيجابي.
حاول ترك تعليق كلما قرأت مقالة أو تدوينة مليئة بالفوائد، فعندما تجد أن الكاتب قد أعطاك زبدة الموضوع وخلاصة الأمر، حينها أقحم نفسك في الموضوع، وشارك النقاش، وأدلي برأيك، إذا كان هنالك شيء آخر لم يُذكر أو معلومة متعلقة لم تُطرح فقم بالواجب أنت وساهم في إثراء المحتوى، لأن تلك المقالة سوف تبقى سنين طويلة وسيأتي إليها آلاف القراء كل شهر وربما كل يوم، وبهذا ستكون قد تركت بصمتك على ذلك المحتوى وساهتم في نقل المعرفة لغيرك ممن يحتاج إليها
2. الإبحار وفق أهداف
اليوم الذي أصحو فيه ثم أبدأ أنشطة وأعمال اليوم بدون تحديد المهام أولاً، عادة ما يكون يوماً مليئاً بالحسرة والندامة في آخرة بسبب ما ضيعت فيه من أوقات، عادة ما يحتوي على ساعات توهان وملل وإبحار عشوائي في صفحات الانترنت وبحار الشبكات الاجتماعية، أما حين أبدأ يومي بتحديد المهام والواجبات التي يجب علي إنجازها في ذلك اليوم، عادة ما يكون يوماً حافلاً بالإنجاز والرضى عن الذات في آخره، إنها مسألة التنظيم والتخطيط.
من الجيد أن تعرف ماذا ستفعل بالضبط قبل أن تبدأ النشاط والمشي والمضي، حينما تتجه إلى رحلة او سفر فأنت تقوم بالتخطيط المسبق لمسار ومجريات الرحلة، أي طريق ستسلك، أين ستتوقف، ماذا ستأكل، وكل شيء تقريباً، من أجل أن تصل إلى الهدف بشكل سلسل ومباشر ودون أي متاعب ومشاكل، الأمر ينطبق على حياتك ووقتك، وحتى على يومك، قبل أن تبدأ الإبحار عبر مركب الوقت في ساحة اليوم، يجب أن تعرف خط السير، أي المهام سوف تنجز، أي الأعمال سوف تُنهي، وهذا يساعد كثيراً في استغلال الوقت وعدم الضياع في المشتتات الكثيرة.
ومادمنا نتحدث عن المشتتات، فبالتأكيد نحن نتحدث عن الانترنت والشبكات الاجتماعية، لأنها أكبر مشتت ومضيع لوقت الإنسان في العصر الحديث، الانترنت؛ تلك المتاهة التي تضيع في دهاليزها والتي تغريك كلما دخلت أكثر أن تستمر وتستمر، نحن لا نتحدث هنا عن الدهاليز المظلمة المليئ بالمساوئ، بل نتحدث عن الدهاليز الجميلة المليئة بالمعرفة والمعلومة والمتعة والتسلية، هذه هي المشكلة، أن هنالك الكثير والكثير من المحتوى النافع والمفيد (الذي قد لا تحتاجه في اللحظة الراهنة) والذي يغريك أكثر وأكثر بالغوص في بحاره.
هذا الكلام يهم أكثر من لديهم أعمال على الانترنت، من لديهم أنشطة رقمية، حيث أن العصر الحالي قد أنجب الكثير من الأشخاص الذين يعتمدون بشكل كلي أو جزئي على الانترنت لتوفير دخل مالي، هؤلاء الأشخاص يجب أن يكون لديهم أهداف محددة بداية كل شهر ومهام تخدم تلك الأهداف بداية كل يوم، مهام صغيرة يحددونها كي لا تضيع أوقاتهم، وحتى الأشخاص الآخرين الذين يريدون الاستفادة من الفضاء الرقمي في التعلم، يجب أن يحددوا أهدافهم كي لا تضيع الأوقات وسط أروقة المواقع والشبكات.
3. الكبت والكتم
لقد تسبب انتشار الانترنت والشبكات الاجتماعية في أوساط المجتمع في انتشار الشائعات والاخبار الكاذبة، أو حتى المحتوى السلبي الذي يثير الفتن والمشاكل حتى وإن كان صحيحاً، المشكلة أن خصائص تلك الشبكات ساعدت في انتشار ذلك النوع من المحتوى، لأنه كلما زادت التفاعل على المنشور كلما انتشر أكثر وأكثر، والناس بطبيعة الحال ينجذبون إلى الأخبار المثيرة والصادمة ويتفاعلون معها شعورياً ولا شعورياً.
سواءً كان خبراً غير موثقاً أو صورة غير صادقة أو حتى فيديو لا يعرض الحقيقة كاملة، قد يكون (كبته) حيثما هو أفضل وسيلة، قد يقوم الناس بحسن نية بالتحذير من ذلك المحتوى أو من أولائك الأشخاص، وهو بذلك يساهمون في انتشاره من حيث لا يشعرون، العالم الرقمي مفتوح لكل شخص، ومن الصعب حذف المحتوى السلبي أو إيقاف الأشخاص المسيئون، أنت فقط تقوم بإشهاره أكثر كلما حذرت منه، لكن الوسيلة الأفضل للتعامل مع المحتوى الهدّام هو (الكتم).
أكتم الخبر، لا تعلق عليه، لا تحذر الناس منه، أتركه حيث هو، وعندما يفعل الآخرون مثلك، سوف ينساه الزمن، سيبقى لكن مغموراً في دهاليز الانترنت، بعيداً عن أعين الناس.
تعليقات
إرسال تعليق